سورة هود - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{قَالَ يَا قَوْمٌ أَرَءيْتُمْ} أخبروني {إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ} برهان {مّن رَّبّى} وشاهد منه يشهد بصحة دعواي {وآتني رحمةً من عنده} يعني النبوة {فَعُمّيَتْ عَلَيْكُمْ}-أي خفيت. {فعميت}: حمزة وعلي وحفص أي أخفيت أي فعميت عليكم البينة فلم تهدكم كما لو عمي على القوم دليلهم في المفازة بقوا بغيرها، وحقيقته أن الحجة كما جعلت بصيرة ومبصرة جعلت عمياء لأن الأعمى لا يهتدي ولا يهدي غيره {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} أي الرحمة {وَأَنتُمْ لَهَا كارهون} لا تريدونها، والواو دخلت هنا تتمة للميم. وعن أبي عمرو إسكان الميم ووجهه أن الحركة لم تكن إلا خلسة خفيفة فظنها الراوي سكوناً وهو لحن، لأن الحركة الإعرابية لا يسوغ طرحها إلا في ضرورة الشعر.


{وياقوم لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ} على تبليغ الرسالة لأنه مدلول قوله {إني لكم نذير} {مَالاً} أجراً يثقل عليكم إن أديتم أو عليّ أن أبيتم {إِنْ أَجْرِىَ} مدني وشامي وأبو عمرو وحفص {إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنو} جواب لهم حين سألوا طردهم ليؤمنوا به أنفة من المجالسة معهم {أَنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ} فيشكونني إليه إن طردتهم {ولكنى أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} تتسافهون على المؤمنين وتدعونهم أراذل، أو تجهلون لقاء ربكم أو أنهم خير منكم {وياقوم مَن يَنصُرُنِى مِنَ الله} من يمنعني من انتقامه {إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} تتعظون {وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَائِنُ الله} فأدعي فضلاً عليكم بالغنى حتى تجحدوا فضلي بقولكم {وما نرى لكم علينا من فضل} {وَلا أَعْلَمُ الغيب} حتى أطلع على ما في نفوس أتباعي وضمائر قلوبهم وهو معطوف على {عندي خزائن الله} أي لا أقول عندي خزائن الله ولا أقول أنا أعلم الغيب {وَلا أَقُولُ إِنّى مَلَكٌ} حتى تقولوا إلى {ما أنت إلا بشر مثلنا} {وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِى أَعْيُنُكُمْ} ولا أحكم على من استرذلتم من المؤمنين لفقرهم {لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا} في الدنيا والآخرة لهوانه عليه مساعدة لكم ونزولاً على هواكم {الله أَعْلَمُ بِمَا فِى أَنفُسِهِمْ} من صدق الاعتقاد وإنما على قبول ظاهر إقرارهم إذ لا أطلع على خفي أسرارهم {إِنّى إِذًا لَّمِنَ الظالمين} إن قلت شيئاً من ذلك. والازدراء افتعال من زرى عليه إذا عابه وأصله تزتري فأبدلت التاء دالاً.
{قَالُواْ يَا نُوحٌ قَدْ جَادَلْتَنَا} خاصمتنا {فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا} من العذاب {إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} في وعدك.


{قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ الله إِن شَاء} أي ليس الإتيان بالعذاب إليّ وإنما هو إلى من كفرتم به {وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ} أي لم تقدروا على الهرب منه {وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِى} هو إعلام موضع الغي ليتقي والرشد ليقتفي {ولكني} {إني} {نصحَي} مدني وأبو عمرو {إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ الله يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ} أي يضلكم وهذا شرط دخل على شرط فيكون الثاني مقدماً في الحكم لما عرف. تقديره: إن كان الله يريد أن يغويكم لا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم، وهو دليل بين لنا في إرادة المعاصي {هُوَ رَبُّكُمْ} فيتصرف فيكم على قضية إرادته {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فيجازيكم على أعمالكم {أَمْ يَقُولُونَ افتراه} بل أيقولون افتراه {قُلْ إِنِ افتريته فَعَلَىَّ إِجْرَامِى} أي إن صح أني افتريته فعلي عقوبة إجرامي أي افترائي يقال أجرم الرجل إذا أذنب {وَأَنَاْ بَرِئ} أي ولم يثبت ذلك وأنا بريء منه. ومعنى {مّمَّا تُجْرَمُونَ} من إجرامكم في إسناد الافتراء إلي فلا وجه لإعراضكم ومعاداتكم.
{وَأُوحِىَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَم يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ ءامَنَ}
إقناط من إيمانهم وأنه غير متوقع، وفيه دليل على أن للإيمان حكم التجدد كأنه قال: إن الذي آمن يؤمن في حادث الوقت، وعلى ذلك يخرج الزيادة التي ذكرت في الإيمان بالقرآن {فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} فلا تحزن حزن بائس مستكين والابتئاس افتعال من البؤس وهو الحزن والفقر، والمعنى فلا تحزن بما فعلوه من تكذيبك وإيذائك فقد حان وقت الانتقام من أعدائك.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8